فصل: تفسير الآيات (80- 81):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (80- 81):

{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)}
أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {وحاجه قومه} يقول: خاصموه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أتحاجوني} قال: أتخاصمونني.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {أتحاجوني} مشددة النون.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله: {وحاجه قومه} قال: دعوا مع الله إلهاً {أتحاجوني في الله وقد هدان} وقد عرفت ربي، خوّفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبل فقال: {ولا أخاف ما تشركون به} ثم قال: {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون} أيها المشركون {أنكم أشركتم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فأي الفريقين أحق بالأمن} قال: قول إبراهيم حين سألهم أي الفريقين أحق بالأمن، ومن حجة إبراهيم!.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله: {فأي الفريقين أحق بالأمن} أمن خاف غير الله ولم يخفه، أم من خاف الله ولم يخف غيره؟ فقال الله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} [ الأنعام: 82].

.تفسير الآية رقم (82):

{الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)}
أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الافراد وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على الناس فقالوا: يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه؟ قال «إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح {إن الشرك لظلم عظيم} [ لقمان: 13] إنما هو الشرك».
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي بكر الصديق. أنه سئل عن هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: ما تقولون؟ قالوا: لم يظلموا. قال: حملتم الأمر على أشده، بظلم: بشرك، ألم تسمع إلى قول الله: {إن الشرك لظلم عظيم}؟.
وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن الخطاب {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن حذيفة {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي. أنه سئل عن هذه الآية {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: إنما عنى به الشرك، ألم تسمع الله يقول {إن الشرك لظلم عظيم}؟.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ من طرق عن أبي بن كعب في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: ذاك الشرك.
وأخرج ابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس. أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف يقرأه، فدخل ذات يوم فقرأ سورة الأنعام، فأتى على هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} إلى آخر الآية، فانتقل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب، فقال: يا أبا المنذر أتيت على هذه الآيه {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} وقد نرى أنا نظلم ونفعل ونفعل؟ فقال: يا أمير المؤمنين ان هذا ليس بذاك. يقول الله: {إن الشرك لظلم عظيم} [ لقمان: 13] إنما ذلك الشرك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن مجاهد {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بعبادة الأوثان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} يقول: لم يخلصوا إيمانهم بشرك.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصة، ليس في هذه الأمة.
وأخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن جرير بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما برزنا من المدينة إذا راكب يوضع نحونا، فانتهى إلينا فسلم، فقال له النبي صلى الله وعليه وسلم «من أين أقبلت؟» فقال: من أهلي وولدي وعشيرتي أريد رسول الله. قال: «أصبته». قال: علمني ما الإِيمان؟ قال: «تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت». قال: قد أقررت. ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جردان فهوى ووقع الرجل على هامته فمات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا من الذين عملوا قليلاً وأجروا كثيراً، هذا من الذين قال الله: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} إني رأيت حور العين يدخلن في فيه من ثمار الجنة، فعلمت أن الرجل مات جائعا».
وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ساره، إذ عرض له أعرابي فقال: والذي بعثك بالحق لقد خرجت من بلادي وتلادي لأهتدي بهداك وآخذ من قولك فاعرض علي، فأعرض عليه الإِسلام فقبل، فازدحمنا حوله فدخل خف بكره في ثقب جردان، فتردى الأعرابي فانكسرت عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسمعتم بالذي عمل قليلاً وأجر كثيراً هذا منهم؟ أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم هذا منهم؟».
وأخرج أبن أبي حاتم عن بكر بن سوادة قال: حمل رجل من العدوّ على المسلمين فقتل رجلاً، ثم حمل فقتل آخر، ثم حمل فقتل آخر، ثم قال: أينفعني الإِسلام بعد هذا؟ قالوا: ما ندري، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم. فضرب فرسه فدخل فيهم، ثم حمل على أصحابه فقتل رجلاً، ثم آخر، ثم قتل. قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيه {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فسكت حتى جاء رجل فأسلم، فلم يلبث إلا قليلاً حتى قاتل فاستشهد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا منهم من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمم».
وأخرج البغوي في معجمه وابن حاتم وابن قانع والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سخبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ابتلي فصبر، وأعطي فشكر، وظلم فغفر، وظلم فاستغفر، ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: يا رسول الله ما له؟ قال: {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}».

.تفسير الآية رقم (83):

{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: ذاك في الخصومة التي كانت بينه وبين قومه، والخصومة التي كانت بينه وبين الجبار الذي يسمى نمرود.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: خصمهم.
وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: خصمهم.
وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله: {نرفع درجات من نشاء} قال: بالعلم.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: إن للعلماء درجات كدرجات الشهداء.

.تفسير الآيات (84- 88):

{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88)}
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده. قال ألست تقرأ سورة الأنعام {ومن ذريته داود وسليمان} حتى بلغ {ويحيى وعيسى} قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت.
وأخرج أبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن عبد الملك بن عمير قال: دخل يحيى بن يعمر على الحجاج، فذكر الحسين فقال الحجاج: لم يكن من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم: فقال يحيى: كذبت. فقال لتأتيني على ما قلت ببينة. فتلا {ومن ذريته داود وسليمان} إلى قوله: {وعيسى وإلياس} فأخبر تعالى أن عيسى من ذرية إبراهيم بأمه. قال صدقت.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: الخال والد، والعم، والد، نسب الله عيسى إلى أخواله قال: {ومن ذريته} حتى بلغ إلى قوله: {وزكريا ويحيى وعيسى}.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل} ثم قال في إبراهيم {ومن ذريته داود وسليمان} إلى قوله: {وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلا فضلنا على العالمين} ثم قال في الأنبياء الذين سماهم الله في هذه الآية {فبهداهم اقتده}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {واجتبيناهم} قال أخلصناهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} قال: يريد هؤلاء الذين قال: هديناهم وفضلناهم.

.تفسير الآية رقم (89):

{أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89)}
أخرج ابن أبي حاتم عن حوثرة بن بشير. سمعت رجلاً سأل الحسن عن قوله: {الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوّة} من هم يا أبا سعيد؟ قال: هم الذين في صدر هذه الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم} قال: الحكم اللب.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فإن يكفر بها هؤلاء} يعني أهل مكة يقول: أن يكفروا بالقرآن {فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين} يعني أهل المدينة والأنصار.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فإن يكفر بها هؤلاء} قال: أهل مكة كفار قريش {فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين} وهم الأنبياء الذين قص الله على نبيه الثمانية عشر، الذين قال الله: {فبهداهم اقتده}.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي رجاء العطاردي في قوله: {فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين} قال: هم الملائكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان أهل الإيمان قد تبوّأوا الدار والإِيمان قبل أن يقدم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أنزل الله الآيات جحد بها أهل مكة، فقال الله: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين}.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب في الآية قال: إن يكفر بها أهل مكة فقد وكلنا بها أهل المدينة من الأنصار.